Thursday, September 20, 2007

عدم


كان بودى ان اتكور على نفسي هكذا وانتظر الى ما لا نهاية الحدث الجلل الذي يتربص بشخصى وبذاتي ... سوف تتوشح السماء بوشاح كالح مثل شوارع المدينة المظلمة وتزبد احشاؤها وترعد وينزل المطر مثل خيط من السماء وينهمر على كاهلى ليغسل جروح وجهي وكدمات رأسي وركبتي ... كان بودى ان انكفىء على نفسى هكذا متوحداً أستمع الى ما لا نهاية لترهات ذاتي ...

أدرك الان انني خسرت حتى نفسي وهى لم تكن الا سراباً وغبشا ظللت اصارع من اجله منذ حقب من حياتي السالفة ... ومما صرت اتبينه حتى الان مثل فجيعتي تلك او اشد ان لا احد فى هذا العالم السفلي او غيره من العوالم الاخرى بإمكانه ان يجلب لى الخلاص وينعش روحي وذاتي الرازحة فى الظلمة الكالحة والمستنفدة كل روافد الشك واليقين ... بودى ان اقول هنا انني لا اريد ان اجلب لجسدى المنهك شقاء آخر او اى مكاسب تختلقها نفسي من رصيد اوهامها الوافر ... ولا اريد ان تسعى قدمي الواهنتين الي اماكن اخرى من اجل ان تشبع كبرياء هذه النفس الشرهة .. وبامكاني ان اغمض عيني الان ولا انظر طرفة عين اخرى لهذا الكون ولهذه الاشياء التي لم تعز وهني وغبني مرة واحدة ولا ألمس بيدي الناتئتين أي كائن أو يد او حتي حلمة امرأة صلبة مثل افريز من الشهوة التى تم تعتق نفسي من ايروسها الدائم ... انني ارغب بكل ما بقي لدى من حول ان اكتم حركة ما يقبع بداخلي من اعضاء وخلايا ظلت تستنزفها ذاتي التى هى لا شيء الا كلمه براقه سمي بها هذا الجسد الهزيل وظل بوحي من شيطان خفي لعين فى خدمة نزقها وغيها ..ما يكون ذلك الذي سعيت اليه وظل ينهش وينهش هاجس المجد او الخلود ... او حتى خيط الحب واليقين الذي لم اتمكن من وصله ابداً.... إنني اريد حقاً ان اوقف ذلك النزيف الطويل فى عروقي وأتلف تلك الكدمات فى صدرى ورأسي .. واولى لمرة واحدة سمعي لما يصدر عن جسدى من اصوات وحنق ... حيث لم يسبق لى ان كرست كلمة واحدة بغية مطلب حقيق به ... جسدى آن له مني ان ينال رغبته فى الخدر والفناء الدنيوى ... وان يأوب الى ذرات الارض ورسوبها ويتحلل الى حبات من الرمل فى صحراء توات القاحلة .

اريد ان يتحلل جسدى الى ذرات صغيرة من العدم والسراب لا تعطش ابداً ولا ينمو بين فواصلها اى شكل من حياة اخرى ... سوف يتخمر جسدى تحت وهج القمر المكتمل .. وتتحول كتل منه وقطع صغيرة لازالت تتمسك بنزق الحياة وبريقها الى دود وسرطانات ذرية تلتهم اجزاءه الباقية .... سوف تبزغ مثل المخلص شمس توات الساطعة خلف الصخور ليحرق وهجها عفن الحياة ورداءتها ... تغسل شمس توات الساطعة كل خلية وكل مسام وكل فجوة بين العظام وتطرد الحياة عن جسدى المنهك ... كنت افكر ايضاً فى تلك امنيتي الاخيرة ... جسدى يتشظى الى قطع صغيرة فى تابوت من حجر الصوان البراق ... اشعر بوضعية الانعتاق من نزق الحياة وعنتها ... لا آكل ولا أنام ولا اتبرز ولا يتملكني هوس الحب ولسع الالم ... الالم الذي ينخر و ينخر فى طبقات جسدى الحي المتعفن المملوء بالكراهية تجاه هذه الحياة .

ظلت ارقب شمس توات الحمراء تختفي مثل شفة امرأة مستثارة تلعق قضبان الصخور الجرانتية ... جسدى يحتفل للعدم والفناء وخلاياى تتحلل الى حبات صغيرة من الرمل ورسوب متقاطعة للصخور.... أرصد فى بؤرة نهايتى حتمية العدم ... خيوط العدم ناصعة مجردة من وفرة الحياة وورمها ...... نقاط ذرية لا نهائية ... خط الوصل اللانهائي .....

من رواية/ خط الوصل
تأليف رضا روباش
اللوحة : زيت
إسلام زاهر

4 comments:

  1. اهلا بك ف الهرطقه يخويا

    اهلا وسهلا

    ReplyDelete
  2. بجد عجبتني المدونة جدا .فعلا فيك حاجة مميزة واتمني اتكلم معاك قريب لو ينفع ايمالي tito_forever1@hotmail.com

    ReplyDelete
  3. متشكرين يا صديقى على الإطراء دة

    ReplyDelete
  4. لا مانع من بعض الهرطقة بين الحين والآخر

    عن نفسى
    اتعتبرها اعادة توازن للعقل من زحمة التابوهات

    أول مرة ليا هنا
    وأكيد مش الأخيرة

    تحياتى

    ReplyDelete