Saturday, July 25, 2009

بين الملحد والمؤمن

لا أدري فانا ارتاب من الملحد ومن المؤمن , إنني مؤيد لأن يعتنق اناس ويمارسوا إيماناً ما لانهم دون ذلك سيكونون بدون حياه روحية وسيزدادون وحشية وهمجية فالثقافة , الفن , والفلسفة وكل النشاطات الفكرية والفنية العلمانية لا يمكنها ان تعوض الفراغ الروحي الذي ينتج عن موت الرب , وعن غياب وإختفاء الحياة الماورائية , إلا لدي أقلية ضئيلة جدا ( وأنا أشكل جزءاً منها ) هذا الفراغ يجعل الناس أشد تدميراً وبهيمية مما هم عليه عادة , وفي الوقت الذي أويد فيه الأيمان , فإن الأديان بصورة عامة تدفع بي إلي تغطية انفي , لانها جميعها تتطلب الموكبية القطيعية والتنازل عن الإستقلالية الروحية , جميعها تقيد الحرية الإنسانية وتسعي إلي لجم الشهوات , وانا اعترف إنطلاقاً من وجهة النظر الجمالية بأن الأديان وربما كانت الكاثوليكية أكثر من غيرها بكاتدرائياتها البديعة وطقوسها وليتورجياتها وابهة ازيائها وعروضها وايقوناتها وموسيقاها تكون عادة مصادر لذة عظيمة تفتن العين والحساسية وتحرض المخيلة وتحرقنا بافكار خبيثة , ولكن هناك في كل منها علي الدوام رقيب يكمن مترصداً مفوض , متعصب ومشواه وكلابات قاضي التفتيش ولكن الصحيح أيضاً انة لولا محظورات الأديان وخطاياها وروادعها الاخلاقية لما كانت الرغبات الجنسية منها خصوصاً قد وصلت إلي الرقي الذي بلغتة في بعض العصور , وهذا ليس كلاماً نظرياً وإنما هو واقع عملي فبفضل استبيان شخصي متواضع ومحدود الافاق أؤكد أن ممارسة الحب تجري بصورة أفضل بكثير في البلدان المتدينة منها في البلدان الدنيوية ( ففي ايرلندا أفضل من إنجلترا وفي بولونيا أفضل من الدانمرك وفي البلدان الكاثوليكية أفضل من البلدان البروتستانتية ( اسبانيا او ايطاليا افضل من ألمانيا او السويد )




والنساء اللواتي تعلمن في مدارس للراهبات هن اوسع مخيلة واكثر جرأة ورقة بالف مرة من اللواتي تعلمن في مدارس علمانية ( وقد وضع روجر بايلان نظرية في هذا الشان في كتابة نظرة باردة ) وما كان للوكريثيا ان تكون لوكريثيا التي ملاتني بسعادة لا تقدر ليلاً ونهاراً ( ولكن في الليل بصورة خاصة ) علي إمتداد عشر سنوات لو لم تتول مسئولية تربيتها في طفولتها وشبابها راهبات القلب المقدس الصارمات واللواتي كان بين تعاليمهن للصغيرات ان جلوس البنت متباعدة الركبتين يشكل خطيئة , هؤلاء الراهبات اللواتي قدمن انفسهن قرابين عبودية للرب بأحكامهن ومحظوراتهن المتشددة في الموضوع الغرامي رحن يربين علي إمتداد التاريخ سلالات متتاليه من الميسالينات فلتحل عليهن البركة!


ميسالينات : نسبة إلي ميسالينا الاميرة الرومانية التي تزوجت الإمبراطور كلاوديوس الأول وقد أشتهرت بإنحلالها وتهتكها




ماريو بارغاس يوسا - دفاتر دون ريغو بيرتو



الصورة جزء من حملة اعلانية عن نادي صحي يدعي

Equinox Fitness

What's your after?
It's not fitness. It's life.

Advertising Agency: Fallon Worldwide

Friday, July 17, 2009

ملائكة وشياطين


انتهيت من مشاهدة فيلم ملائكة وشياطين منذ قليل , كنت قد قرأت الرواية قبل مشاهدتي للفيلم مباشرة , الرواية بصفة عامة جيدة ومثيرة

دان براون كاتب تجاري ذكي , تمتاز كتاباتة بإيقاعها السريع والمشوق, كذلك توظيفة لتيمات مثيرة للجدل في معظم رواياتة , في شفرة دافنشي اللعب علي نظرية المؤامرة والصراع بين الوثنية والمسيحية هنا في ملائكة وشياطين الصراع بين العلم والدين ومحاولة التوفيق بينهما رواياتة القادمة التي ستطرح في الاسواق ستلعب علي نفس الوتيرة واسمها الرمز المفقود , الاسم السابق (مفتاح سليمان) وستتكلم عن الماسونية , لدي إحساس ما انة سيكرر نفسة في الرواية الجديدة , نفس الرموز الدينية والمنظمات السرية والاحداث المختلف عليها دائماً , ربما بسبب نشأتة في بيئة تجمع بين الدين والعلم فابوة عالم رياضيات وامة محترفة للموسيقي الدينية اما زوجتة فهي استاذة في تاريخ الفنون وهو ما يفسر إستخدامة الكثيف للرموز و للأعمال الفنية دائماً في البنية الأساسية لافكار أعمالة




تمثال لوسيفر بعد السقوط من الجنة مدريد – أسبانيا


ما يميز هذة الرواية وجميع أعمال دان براون حثك علي النظر الي مسلماتك المعرفية والإيمانية بشكل اخر , كمثال ذكر في الرواية علي لسان روبرت لانغدون ان الكنيسة ربطت اسم لوسيفر بالشيطان ولكن المعني الحقيقي والحرفي لهذة الكلمة الاتينية الاصل ( المادة المولدة للنور) وهي بمثابة الشريعة اللوسيفيرية او المنورة , شعار الطبقة المستنيرة وهي منظمة حقيقية كانت تحاربها الكنيسة قديماً ولذلك ربطت اسمها بالشيطان رغبة منها في تحطيم سمعتها ,



إحدي مخطوطات القرون الوسطي وتمثل الجحيم , جمعت بواسطة إحدي الراهبات في دير

Hohenburg abbey في الزس بفرنسا


في الواقع إن الكتب المقدسة تلك تزعم إني إن لم احيا حياه صالحه وفقاً لانظمتها وقوانينها المحددة فسوف يكون مصيري الجحيم ولكنني لا يمكنني ان أتصور إلهاً يحكم بهذة الطريقة


روبرت لانغدون


مثال اخر فكرة إحتكار الحقيقة المطلقة لكل دين , فالاديان الرئيسية الثلاثة تزعم انها صاحبة الصواب المطلق وماعداها فهو باطل, فإذا ولدت كمسلم مثلاً فانت لم تتح لك الفرصة لتقارن بين الاديان الثلاثة فانت مسلم بالوراثة وليس لك يد في إختيار دينك او وضعة علي محك العقل وإذا وضعتة فحتماً ستتغاضي عن الكثير او ستطبق هذا المنهج العقلي علي الاديان الاخري وستتغاضي عن تطبيق هذا المنطق الصارم علي دينك, يناقش الكاتب علي لسان أبطالة هذة المسلمات بأسلوب فلسفي بسيط وجميل لا ينحاز إلي وجهة نظر دون الأخري ويقدم في النهاية نوعاً من التصالح بين الدين والعلم




الدين أشبة باللغة أو الثياب , فنحن ننجذب إلي الممارسات والتطبيقات

العملية التي نشأنا عليها ولكن في النهاية جميعنا ينادي بالشيء نفسة ألا وهو أن للحياة معني ؟ وأن القوة الخارقة التي خلقتنا لها الفضل علينا جميعاً في وجودنا


فيتوريا فيترا بطلة الرواية


أما إذا لم تقرأ الرواية فأحذرك , لا تشاهد الفيلم , لا تشاهد الفيلم , لا تشاهد الفيلم , فلن تحس بذرة من الإستمتاع معه , فكثير من الأحداث مختصر بشدة وخصوصا في الحوارات التاريخية المهمة التي تحكي عن جاليليو والطبقة المستنيرة وتاريخ بعض اللوحات الفنية , كما ان بعض الشخصيات المحورية الموجودة في الرواية ليست موجودة بالفيلم , بعد مشاهدة الفيلم وكثيرا من الافلام السابقة المأخوذة عن روايات شهيرة اصبحت مقتنع تمام الإقتناع أنة مهما بلغ مخرج اي عمل من هذة الاعمال من الحرفية والإبداع فلن يجاري العمل الأدبي الاصلي في قوتة , حتماً يجب إختصارة ليناسب الوقت المحدد لة , حدث هذا معي مع شفرة دافنشي عندما قارنت بين الرواية والفيلم وكذلك ثلاثية نجيب محفوظ والكثير غيرهما , ربما كان الإستثناء الوحيد هو فيلم العطر لباتريك زوسكيند الذي حول رواية ادبية ممتازة إلي فيلم سينمائي يعتبر الأروع من كل ما شاهدتة من افلام مبنية علي روايات ناجحة


بما ان الدين قد أصبح الان امرا قديما تجاوزناة منذ فترة بعيدة , يجد الناس أنفسهم وسط فراغ روحاني عقيم , نحن نصرخ وراء معني لحياتنا , صدقوني أننا نصرخ


السكرتير الباباوي



بعض من اعمال المثال برنيني التي وردت في الرواية والفيلم





تمثال نشوة القديسة تريزا

Ecstasy of St Teresa






تمثال حبقوق والملاك


Habbakuk and the Angel





Fountain of the four rivers,Piazza navona,Rome,Italy.

نافورة الأنهار الأربعة