Sunday, July 4, 2010

أجورا وذكري اعظم مدينة في التاريخ


لابد لكل من يشاهد ويتأمل بيتك الطاهر ...

الخالي تماماً من كل زخرف أو زينة ...

أن ينشغل بامر الثقافة ...

حقاً لقد أنشغلت أنت بالسماء ...

هيباشيا .. أيتها المرأة الحكيمة ...

لغتك عذبة .. ونجمك متألق في سماء الحكمة


Gille Menage

من كتاب تاريخ الفلاسفة



شاهدت مؤخراً الفيلم الأسباني أجورا للمخرج الأسباني أليخاندرو أمينبار والذي تدور أحداثة في الإسكندرية في القرن الرابع الميلادي , عن القصة الحقيقية لهيباتيا عالمة الفلك والرياضيات السكندرية ذات الجمال الأسطوري


أستطاع المخرج أليخاندرو أمينبار أن يرسم في الفيلم صورة رائعة للغاية عن مدينة الإسكندرية التي كانت ما تزال تحتفظ ببعض من بريقها بعد ان ظلت لأكثر من ألف عام أعظم مدن العالم القديم


يعيب الفيلم التبسيط مراعة لزمن الفيلم وتغييره لبعض الأحداث التاريخية , كذلك عدم ذكره لبعض من الأحداث والخلفيات حول الصراعات بين الوثنيين واليهود والوثنيون والمسيحيون مما أفقد الفيلم بعضاً من استمتاعي به



المسيحيين ضد الوثنيين :


مشهد مهاجمة جموع المسيحيين لمعبد السرابيوم الذي يحوي مكتبة الإسكندرية الصغري , والاستيلاء عليه , لم يذكر الفيلم سبب ذلك وهو إعلان الإمبراطور ثيودوسيوس الديانة المسيحية كديانة رسمية للبلاد واوامره باغلاق جميع العابد الوثنية واماكن العبادة , مما أعطي العوام من المسيحيين الذريعة لمهاجمة المعبد وتحطيم تماثيل الألهة بواسطة القديس ثيوفيلس بعد أن تحولت كفة القوة السياسية لصالحهم , في الفيلم نري المسيحيين يهاجمون المعبد والمكتبة بدون إشارة للسبب الحقيقي


هناك مصطلح في علم النفس يسمي بالإحلال أو الإزاحة , عندما تفاجأ بأن شخصاً اعتدي عليك بالضرب والشتم بينما ليس ما عاداتة ان يقوم بذلك الفعل وهو إحدي الأمراض النفسية أو الحيل الدفاعية التي تصيب الناس والمجتمعات نتيجة إضطهاد أو قهر يقع عليهم

ربما يعطي تفسيراً مقبولاً لمعاداة المصريون عموماً والمسيحيين علي وجه الخصوص (معظم من اعتنقوا الدين الجديد كانوا من الفقراء وهم الاشد تضرراً من سياسات الإمبراطورية ) , للوثنيين ( ولليهود الذين كانوا يعملون بالإقتصاد مما وفر لهم وضعاً إجتماعيا مرموقاً ) بسبب المعاملة السيئة التي تعرض لها المصري باعتباره مواطناً من الدرجة الثانية من قبل الامبراطورية الرومانية وتفضيل العنصر الأجنبي علي الساكن الاصلي للبلاد مما حدا بهم إلي رفض كل ما هو مختلف حتي لو كان مصرياً مروراً علي تدمير معابدهم وإنتهاءاً بالميتة الشنيعة لهيباتيا



هناك عامل أخر شديد الخطورة طالما ارقني وقد اشار له الفيلم بطريقة غير مباشرة اثناء سخرية المسيحيين من عبادات الوثنيين في النصف الاول من الفيلم وينفرد به الدين المسيحي عما سبقته من اديان وهو السبب الحقيقي للإضطهاد الذي مارسه الوثنيون ضد المسيحيون


وهي الفكرة التي تقول بأن احد الاديان خاطيء بينما الاخر صحيح , لم تكن هذه الفكرة موجودة لا عند المصريين ولا عند اليونانيين ولا الرومان , كانت كل جماعة منهم تعبد ألهتها ولم تفكر مطلقاً في إزدراء ألهة جارتها بالقول أو الفعل ولم يبدأ الرومان في معاداة المسيحيون الا بسبب هذه الفكرة, وليس حسب الفكرة الشائعة في الوعي الجمعي المسيحي التي ترسخ لفكرة معاداتهم بسبب أنهم الدين الحق المستقيم , إلخ إلخ


باختصار كان الوئام الديني في العالم القديم يعززه القبول والاحترام الذي كانت تظهره الامم القديمة كل منها نحو تقاليد الأخري وكان من الطبيعي ان تتحد تلك الأمم ضد أي طائفة أو شعب يحتقر بحكم ادعائه الملكية المطلقة أي لون من العبادة باعتباره ضلالاً ووثنية الللهم إلا عبادته هو فحسب


بالاضافة إلي نظرة الحكومة الرومانية لهم كخارجين علي القانون كما قال احد الوثنيين في النصف الأول من الفيلم قبل مهاجمة الوثنيين للمسيحيين في الساحة لقتلهم فقد بدأ المسيحيين أولاً بإحتقار معبودات أسلافهم , الإمتناع عن الخدمة في الجيش , رفض تزويج أبناؤهم للوثنيين , الإمتناع عن تناول طعام الوثنيين بإعتباره طعام نجس ذبح قرباناً لأهله وثنية


من الناحية البصرية الفيلم أكثر من رائع , وخصوصاً في مشاهد المعابد التي يمتزج فيها جمال المعمار الأغريقي مع المعمار المصري



راشيل وايز في دور هيباتيا تأسرك بجمالها وجاذبيتها , كان سنها الحقيقي بين 45 عاماً , أو 65 عاماً عندما قتلت ولكن نظراً
لإعتبارات تسويق الفيلم كان لابد وأن تبدو في صورة أصغر بكثير حتي تكتمل الصورة المثالية , عالمة , مثقفة , جميلة وصغيرة

Hypatia by : Elbert Hubbard

190

مما ساعد علي نجاحها ايضا درجة الشبه الشديدة بينها وبين اللوحة الشهيرة لهيباتيا التي رسمها لها الفنان والفيلسوف ألبرت هوبارد عام 1908 والتي أستقرت في وجدان محبيها حتي الان متفوقة علي الصورة الأخري التي رسمها لها الفنان الأكثر شهرة رافاييل في لوحة مدرسة أثينا



The School of Athens, 1511-12, the most famous

of Raphael's Vatican frescos, in the Stanza della Segnatura


شاهد

1 - 2


العالم الأمريكي الشهير كارل ساجان يتكلم عن مدينة الاسكندرية اثناء زيارته في السبعينات
لبقايا معبد ومكتبة السرابيوم

الفيديو جزء من سلسلة الكون التلفزيونية التي عرضت في أوائل السبعينات

قمت بترجمة الفيديو إلي العربية


تدوينة قديمة لي
عن الوثنيين والجسد وزيارتي لأطلال هذا المعبد العظيم

http://hartaka.blogspot.com/2008/06/blog-post.हटमल



صورة المعبد في الفيلم , أخر معالم الثقافة البطلمية في مصر


بقايا أعظم معابد العالم القديم , كان قد تحول الي كنيسة بعد استيلاء المسيحيين عليه ثم تعرض للدمار فيما بعد نتيجة للاهمال , يقع بقايا المعبد فوق التل الكبير في حي كرموز في الاسكندرية , كان يسمي هذا الحي قديماً راكوتيس



اخر ما تبقي من المعبد , العمود الأكبر عامود الصوراي من أسماؤه ايضا ( عمود دقلديانوس) ( عمود بومبي) وهي تسمية خاطئة وسببها اسطورة قديمة تقول بأن رماد رأس القائد الروماني بومبي وضعت فوق العمود بعد ان قتله المصريين اثناء هروبة الي مصر من جيوش يوليوس قيصر ( وللأسف فقد نزع قرطاجاً والي صلاح الدين علي الاسكندرية بقية الاعمدة وألقي بها في البحر ليمنع أثر الامواج علي الشاطيء , كما تفعل البلدية حالياً عندما تضع مكعبات الخرسانة الضخمة)