بعد مرور حوالي ثلاثة اسابيع علي احداث مباراة مصر والجزائر وما أعقبها من تداعيات أعتبرها كلها تصب في مصلحة الحكومة المصرية و الحكومة الجزائرية بشكل أساسي , نظراً لأنني حضرت المباراه وشاهدت الجماهير الجزائرية المتعصبة كما شاهدت كم التضخيم الإعلامي لما حدث , يمكننا أن نقول وبكل ثقة أن المسئولين في كلتا البلدين نجحا بشكل فائق في تحقيق اهدافهما
ليس هناك ما هو اسرع من الشائعة
أفلاطون
فلتسمحوا لي أن آخذ بعض الوقت من يومكم لكي نجلس و نقوم ببعض الحديث ,
إنه حديث عن السلطة عبر التاريخ ,
السلطة في أي مكان وزمان وكيف تستغل أشياء بعينها للسيطرة علي الجماهير إعلامياً من خلال
الصورة
الخبر
الفن
صورة وخبر
بدت هذه الإثارة هذا واضحة للغاية ومقصودة من خلال خبرين صغيرين في قمة الخطورة , أولهما ما نشر في جريدة الشروق الجزائرية عن وفاة مشجع جزائري في مصر, وهذا الخبر ملحق بصورة لشخص يبدو انه فارق الحياه لإعطاء مصداقية له , لم يتم تكذيب الخبر إلا بعد ثلاثة أيام كانت كافية لإثارة العامة , ثمر قائمة بتوابيت محملة بقتلي التي تأتي من مصر والخبر الثاني كان في جريدة اليوم السابع المصرية عن وفاة مشجع مصري في السودان اسمه كريم الذي تم الاعتداء عليه بالضرب حتي لفظ أنفاسة , تم نشر هذا الخبر ليلة المباراة الثانية من صحيفة تعتبر من إحدي اشهر الصحف المصرية المستقلة التي لم تراعي المهنية التي تفرض عليها الإنتظار حتي التأكد من صحة خبر بهذا الخطورة
عندما نأتي إلي الفن فالحديث يأخذ شكلاً اخر
هناك نوع
من الزعماء في العالم المعاصر
يهدف إلي إستخدام السلطة التي تمتلكها الصور
بوسيلة اخري
إنه شيء أكثر طموحاً من مجرد الترويج الذاتي
شيء أكثر قتامة واكثر شراً
إنها القوة التي تجعلنا نفكر بما يريدون منا ان نعتقد
ورؤية الأشياء بالطريقة التي يرونها بها
الباحث د نيجيل سبيفي
يخبرنا الباحث في تاريخ الفنون د نيجيل سبيفي في برنامجه الوثائقي ( كيف صاغ الفن شكل العالم ) , كيف أنتقل الفن من مجرد أداة للترويج السياسي إلي كونه أداة من ادوات التضليل الشامل
لإكتشاف ذلك نحتاج إلي معرفة كيف ولماذا تم إستخدام الصورة لأول مرة لإخبارنا بكذبة سياسية
تم إختراع هذا السلاح هنا , في روما
كان ذلك قبل أربعون عاماً من ولادة المسيح , حيث قسمت الحرب الاهلية المدينة وكان الصراع سياسياً وثقافياً بين الجمهوريون المحافظون والملكيون المتحررون , وبدا كما لو أنك تستطيع ان تري الولاء السياسي لكل شخص عن طريق الأسلوب الذي يرتدي به ملابسه
كان ذلك حتي ظهر منافس جديد علي الساحة
شاب صغير السن اسمه اوكتافيان
او كما عرف لاحقاً بإسم أغسطس
يتابع الباحث كلامه قائلاً : جاء أغسطس من معسكر مناصر للملكية وقد ارتاب منه الجمهوريون بالرغم من مناصرة نصف سكان روما له , وقد اراد اقناعم ليكسبهم في صفه للأبد , كانت مشكلة اغسطس النموذج العصري المثالي الذي يظهر به والذي الذي يفضله انصار الملكية ويكرهه الجمهوريين ولذا فقد إضطر لإعادة تأهيل نفسه للحصول علي دعمهم وهذا ما جاء به فنانوه ونحاتوه من اجل تثبيت الصورة التي ارادها في عقول الناس
شخصاً أكثر تواضعاً , شعراً مسطحا
وجهاً أكثر لطفاً ونضجاً , أقل تهديداً
جاد , مقطب , متواضع
رجل من بين الناس
لمشاهدة بقية القصة ومقارنتها بما يحدث من السلطة علي مر التاريخ
ألا تذكرنا هذه الهيئة المزيفة لأوكتافيوس بالصورة التي ظهر بها علاء مبارك في البيت بيتك ودريم الذي دغدغت مشاعر البسطاء الذي أحسوا به إنساناً بسيطاً قريباً منهم لا يتكلم بتكلف اخيه الطامح الي الحكم وما اعقبة ذلك من رفع شعبيته وامتصاص غضب العامة إنتهائاً بطلبات ترشيحه من بعض الشباب المتحمس لرئاسة الجمهورية في هذا الخبر
طبعا هذه المقارنة لا تهدف إلي نية الحكومة لترشيح علاء مبارك للرئاسة ولكنها مقارنة بسيطة توضح لنا كيف يتم إستغلال أشياء غاية في البساطة لتحقيق أهداف معينة
بينما يصور نفسة كصانع سلام
كان يستأصل كل المعارضة
ثم نري المزيد من الإستغلال المقصود للفن في أسوا صوره فا هو هشام عباس يغني للوطن الجريح متباكياً اةةة يا غالية عليا
ولا مانع من حشر صورة الرئيس مبارك لتأكيد إستنكاره لما حدث باسلوب فج لتنمية الشعور القومي بالالتفاف حول الدولة والرئيس ثم نري المزيد من حالة الهوس الجماعي والإلتفاف الشعبي علي حب مصر من الشباب والإعلاميين المسيسين , بفعل التعبئة المعدة سلفاً
فكما طالب البعض بمحو سفارة الجزائر من الوجود , هناك أيضاً من أنشئوا صفحات متخصصة بعنوان انا أكره الجزائر , أليس كل ما نحن فيه سببة تخاذل حكومتنا الرشيدة عن حماية ابنائها
ليس البشر بشراً في نظر مؤسسي الممالك
إنهم ادوات توصلهم إلي اهدافهم
نابليون بونابرت
علي الهامش :
ملصق دعائي في سويسرا يحذر من خطر المأذن التي ستساعد علي إلغاء هوية سويسرا ,
وكما يعرف الجميع فإن الإستفتاء علي حظر المأذن نجح بنسبة 57%
- الصورة الرئيسية في هذا الملصق هي لإمرأة منتقبة
- أغلبية من صوتوا من الشعب السويسري لإلغاء المأذن من النساء
من خلال الفن يستطيعوا إقناع رعاياهم بكراهية
اعداؤهم الاجانب وحتي جيرانهم الأقربين
والأسوأ من ذلك , إقناعهم للإعتقاد بان
بعض الناس يمكن إعتبارهم اقل شأناً من الإنسان
حتي المواضيع التي قُتلت بحثا تتناولها بشكل جيد جدا، أشكرك
ReplyDeleteبوست رائع
ReplyDeleteفعلاً الفن و الميديا سلاح رهيب في يد السلطة
أهلا هرطقة
ReplyDeleteموضوع البوست مهم جدا
عجبنى تشبيه لأمل السامرائى فى المصرى اليوم و هى تشبه دفع الحكام فى مصر و الجزائر لشعوبهم ليقعوا فى أتون الكراهية بالاباطرة الرومان عندما كانوا يحضرون عبيدهم لكى يتقاتلوا حتى الموت بينما يجلسوا هم فى مقصورة "الإرنا" يتضاحكوا و يشربون الأنخاب
عرضك للفكرة فى هذا البوست رائع ، فيما عدا المثال الأخير الذى ربما يكون ملتبسا بعض الشىء ، فالاستفتاء السويسرى لم يأت من السلطة (عنوان البوست) و إنما أتى من أفراد ، و ليس هدفه الكراهية قدر ما هو وليد الخوف ، و من رسم الصورة هو رجب الطيب أردوجان (المآذن حرابنا) .. هناك أمثلة أخرى أوضح ليس فيها هذا الالتباس مثل صور الرؤساء بملابس الاحرام مثلا التى يستغلونها باختلاف أطيافهم ، سواء كان الرئيس "المؤمن" أو "المشمؤمن" أو الذى لا نعرف له ملة
تحياتى لك
أحمد علي
ReplyDeleteعلي باب الله
شرفتم
أحمد
الإستفتاء جاء من إحدي الأحزاب اليمينية
في سويسرا حسب علمي مش من أفراد أو جمعيات أهلية
معاك إن الإستفتاء وليده الخوف من الإسلام في الغرب
والمسلمين في الغرب محتاجين توفيق اوضاعهم بشكل كبير حتي يتم تقبلهم بس الحملة دي اعتقد
انها من ناس معادية أصلاً للأقليات بصفة عامة
وخصوصاً انها حصلت في بلد لم يتعرض لارهاب اسلامي
يعني لو حصلت في بريطانيا او امريكا
كنت تفهمت دوافعهم نظراً لتعرض البلاد دي لهجمات من مسلمين كثير
تحياتي
و أنا موافقك
ReplyDeleteتحياتى
بوست أكثر من رائع يا هرطقة
ReplyDeleteكنا فى الجامعة درسنا نصوص لفوكو
قال فيها ان السلطة تنتج المعرفة
بغض النظر عن صحة هذه المعلومات
لأن الواقع يقول بنسبية الحقيقة و بالتالى ميبقاش فى حل امام المواطن او المشاهد غير أنه يصدق ما يقدم له
و كل ما يحدث يثبت شئ واحد فقط أن الجماهير لا عقل لها
شكراً
ReplyDeleteelvira
لم أقرأ لفوكو من قبل
رغم اني سمعت عن كتاباتة كثير بخصوص السلطة وعلاقتها بالفرد
شوقتيني اني اقرالة
اذا كانت هذه هى هرطقتك فانها الايمان بعينة
ReplyDeleteكلما تجولت فى المدونات قلما ما وجدت ما يستحق المشاهدة او التعليق
كم ألوم نفسى الان عن تأخرى فى العثور على هذه المدونة فقد وجدت من يعشق الفلسفة ويفهم من خلالها العالم
وكنت اتصور اننى الاخيرة
وجدت من لا ينساق وراء القطيع ويحاول اعمال عقلةف ى كل شئوننا
تحيتى اولا
وتعليقا على الموضوع
فمن فرط حسرتى على ما حدث ولا تزال تبعاته تتوالى اجدنى لا اقدر عن الكلام
فكيف نزيد حجم و نزايد على شغب مباراة
ليشمل علاقات انسانية وتاريخية مع دولة عربية
الم نجتاز جميعا فى امتحان الجغرافيا السؤال اكتب اسماء خمس دول عربية ونجدها مصر و ليبيا و تونس والجزائر و المغرب
انكرة دولة وشعبا و نصفهم بعبيد الفرنسيين وغيرة لمبارة كرة القدم
!!
للاسف ان عبر ما حدث عن شىء فانما يعبر عن قدرة النظام المصرى رغم مساوئة على قيادة القطيع وتساءلت اين كرامة المصريين وسط خضم من مساوىء الحكم الذى جعل الانسان المصرى فاقد لكرامتة و طموحة
ويخشى السلطة ويعيش فى ادنى مستويات الحياة رغم ان وطنة غنى بالموارد و الضرائب ومن حقة ان يعيش كافضل مواطن فى دولة ثرية
نسينا همومنا و تمركزت وطنية العامة فى مبارة كرة
! وشغب المأجورين و مبالغه المسئولين لاهداف بعيدة تماما عن مصلحة الوطن او المواطن
kontiki
ReplyDeleteشاكر علي كلماتك الرقيقة
وبخصوص الايمان
فيه ناس لغاية دلوقت فاكرين
ان دي مدونة إلحادية
:)
سلام
ReplyDeleteحقا "السلطة" استغلت تاثير الصورة والاعلام لايقاع
الجماهير في فخ "الوطنية"ا
بخصوص المقولة التي ذيلت بها فتعتبر كمثال اغنية اسلام الني نعت فيها الجزائريين بالهمج الامازيغ
ناسيا اوجاهلا ان ابناء بلده من سيوا قد شملهم...ا
تحياتي
Minto