أرض الخوف , , قصة العالم , والخطيئة , قصة البحث عن الله , هذا النوعية من الأفلام الوجودية التى تناقش الدين والاسطورة والوحى والانبياء والإنسان وصراعة مع ذاتة تراها معنا هنا فى أرض الخوف لأحمد زكى وداوود عبد السيد
بإختصار
هيعاد تشكيلك من جديدة فى حياة جديدة
بشخصية فاسدة مختلفة تماما عن شخصيتك الحقيقة
وهندفع بيك لأرض الخوف بإسم حركى هتراسلنا بية
ادم
يحكى هذا الفيلم قصة ضابط الشرطة يحيى الذى تجندة رجال المخابرات العامة فى مهمة غير تقليدية يعيش فيها طوال أيام حياتة وهى زرع عميل سرى داخل عالم تجار المخدرات مثل الجاسوس النائم الذى يعيش حياتة كلها كتاجر مخدرات حقيقى لمعرفة أسرار وأبعاد تجارة السلاح والاثار ولمعرفة رجال الشرطة الخائنين بإختصار مهمة غير محددة المدة , يعيش فيها بعقل وقلب تاجر مخدرات غير محمى من الشرطة , حتى تحين اللحظة المناسبة لنقل الأسرار المطلوبة
كان المطلوب أن أنتزع نفسى من حياتى وأهاجر إلى أرض اخرى
ليست أفضل ولا أجمل ولا أهدأ لأنها لا تنبت سوى الشك والقلق
والصراع والموت والخيانة والرعب والخوف
الفيلم ملىء بالرموز والإسقاطات الدينية بشكل رائع , فى بداية الفيلم يتم تلقين يحيى مفردات المهمة وأبعادها ويتخلل هذا المشهد تفاحة تقدم لة وسط طبق من الفاكهة ويأكلها فى إشارة إلى السقوط , سقوط ادم إلى بحر الخطيثة
أنا أخاطب وأراسل شخصيات لا أعرفها , مجردة
وكأنى أكلم حائط أصم
لدرجة اننى بدأت أتشكك فى أن تقاريرى يتلقاها أى إنسان
وسط أحداث الفيلم تنقطع المراسلات بين ادم والداخلية , فى إشارة إلى إنقطاع الوحى , يحس يحيى بالقلق
رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي
الأعراف / 143 ))
يبعث لهم يحيى بتقارير تفيد رغبتة فى مقابلة المسئولين ( الله ) عن مهمتة فى لقاء مباشر ولا يتلقى أى رد
هنا يبرز الصراع الأزلى بين الإنسان ونفسة ورحلة بحثة عن الحقيقة متمثلة فى أدم ,
لماذا لا أرى الله ؟
ولماذا توقف بعث الأنبياء ؟
ألا يحتاج العالم الان إلى نبى ؟
لم ترحنى مقابلة موسى , إحساس غريب بالشك أنتابنى
حتى لقد بدأت أحس إننى أعيش فى أوهام خلقتها
ومهمة غير حقيقية إبتكرها خيالى
تتوالى الأحداث إلى ان يتم الرد علية من قبل أحدهم واسمة ( موسى ) عبد الرحمن ابو زهرة , وهو ساعى بريد كانت مهمتة إيصال رسائل الجهاز الامنى لة سابقاً , لاحظ العلاقة , بين مهنة ساعى البريد ومهمة الأنبياء
إختيار المخرج لموسى وليس محمد أو عيسى هو إختيار ذكى يبرز لك أن داوود عبد السيد يعرف ماذا يفعلة بدقة
ففكرة الله بشكلة الحالى مصدرها الأول هو اليهودية , هى الأساس التى قامت علية فكرة أديان التوحيد , عبادة الله الذى لن تراة مطلقاً بعكس الإلهة الوثنية التى عادة ما تكون على شكل تماثيل أو أشياء ملموسة , تستطيع رؤيتها وتقديم القرابين لها
يقابل ادم الساعى موسى , موسى رمز للأديان فى فترة العصور الوسطى حيث يمتزج الدين بالخرافة وأدم رمز للإنسان المعاصر الذى يعيش فى حياة مادية صرفة حيث لا أنبياء ولا معجزات , ويتم الحوار كالتالى :
يحيى : انا لما ابتديت المهمة , كنت قادر أشوف كل حاجة بوضوح ,
كنت متأكد من الى انا بعملة
بعد كدة أبتديت أحس أنى بشوف الصورة من ورا لوح أزاز
وبالتدريج أبتدت تتكون طبقة زى التراب والمشكلة ان التراب بدا يزيد لدرجة ان أنا مبقتش شايف أى حاجة
صورة ضبابية
ذكريات أختلطت مع الأحلام
مع الأوهام
مع الحقايق
رد موسى علية فى الفيلم أيضا مربك للغاية فهو يخبرة أنة لا يعرف شيئأً ولا يريد أن يعرف شيئأً
إحدى المشاهد المهمة وسط حالة صراع يحيى مع خواطرة الذاتية , يكلم يحيى نفسة قائلاً :
أعتقد أن فريدة قد لمست بطريقتها ذلك التناقض فى حياتى
كنت أحن للحياة البسيطة , ليس بها أسرار ولا أسئلة بلا إجابات أو ظنون
محاولاً الخروج من الكابوس الذى أحس بة
والتناقض بين الإحساس والوضع والشكل والحقيقة
ادم كان يحن للحياة الأبدية التى حرم منها , حياة الراحة والطمأنينة
حالة أحمد زكى فى فيلم أرض الخوف يناقشها داوود عبد السيد من خلال ثلاث زوايا :
زاوية وجودية تتعلق بأزمة الخلق والشك
والزاوية الأخرى هى التناقض بين حياة الإنسان الان والنموذج الدينى المطروح من قبل الله من أجل الفوز بالجنة
والمتعارض مع نموذج الحياة فى عصرنا الحالى فحياتنا متغيرة فلما انقطع الوحى ؟
النموذح الثالث إنقطاع الوحى وتخلى الله عن الإنسان ليواجه حياتة الجديدة متمثلاً فى إنقطاع رسائل المخابرات
هنا يضطر ادم ( أحمد زكى ) ليأتى بموسى الرسول ليتأكد وفى المقابلة الثانية يضربة ويأخذة لأحد مديرية السابقيين ويتم إستجواب موسى فى إشارة للصراع بين الدين ورافضى الأديان عموماً ويتم الحوار بين موسى وعزت أبو عوف كالتالى :
موسى : المشكلة انى معرفش حاجة
عزت : متعرفش ازاى ؟
موسى : معرفش غير الى قولتة , انا فى الاول وفى الاخر رسول , مجرد رسول , مسئولتى انى أوصل الرسالة
عزت : انا مصدقك يا موسى افندى , بس احنا عايزين نعرف بقى مين صاحب الرسايل دى
موسى : والله ماعرف , الحقيقة انى حاولت انى معرفش
عزت : مش ممكن تكون انت الى كاتبها مثلاً
موسى : وانا اية مصلحتى فى كدة , وازاى هقول المعلومات دى كلها , انا رسول مجرد رسول
ينتهى هذا المشهد بخروج موسى الى بيتة , ويذهب لة ادم ليجدة قد مات فى سريرة
هذا المشهد العبثى صادم للغاية , إسقاط فكرة النبى موسى على الحياة الان ثم موتة فجأة ؟ فبموت موسى مات الدين , فلم يقدم لنا داوود عبد السيد حلاً فى هذا المشهد , هو يتركك لتستنتج بنفسك , موسى لم يقدم لهم حلاً وتركهم ومات وإسقاط هذا المشهد على عصرنا الحالى يقدم بديلاً تشاؤمى للغاية
بصفة عامة السيناريو محكم , سرد الفيلم من خلال ضمير المتكلم يقربك من شخصية يحيى ( احمد زكى ) بشدة
موسيقى راجح داوود تؤكد البعد الفلسفى والدينى للقضية بشكل رائع , ومما يزيد الفيلم قوة إمكانية قراءة الكثير من الرموز من بين السطور من زوايا مختلفة , وهذا ما يجعل العمل الفنى يعيش للأبد
رؤية مميزة جدا
ReplyDeleteرايت الفيلم اكثر من مرة الا اني لم اتوصل لتلك الرؤية
العلاقة بين الانسان والله هي انعكاس لعلاقة الانسان بالاخر وبالاخص السلطة
احتاج لوقت لاستيعاب الفكرة
احييك
فعلا اشكرك
سمراء
فعلا تحليلك ممتاز جدا
ReplyDeleteانا بدات مؤخرا اتابع افلام بتركيز علشان اعرف و افهم قصد المخرج و المؤلف منها
لاني انقطعت عن الافلام بقالي سنين و لما رجعت لها رايت افلام الخيابه متفشيه فتركتها مره اخري
................
انا انشات مدونه ثالثه اليوم فقط باسم فلسفة حياة رايك يهمني فيها
سمراء
ReplyDeleteلم اتوصل إلى هذة الرؤية الكاملة من أول مرة
فكرة إنعكاس العلاقة بين الانسان والله دى صائبة
ذو النون المصرى
فعلاً متابعة النوعية دى من الافلام محتاجة تركيز شديد وعدم إغفال التفاصيل الصغيرة
تحياتى
ومبروك على المدونة الجديدة
بجد شوقتنى اشوف الفيلم
ReplyDeleteWOW!!
ReplyDeleteايه ده
انا شفت الفلم بس محللتهوش بالعمق ده يا هرطقة
حتختليني اسهر عليه الويد اند اللي جاي و لنا لقاء بعدها ان شاء الله
بس لما اشوف الفلم حبقى اناقشه
تحياتي
تحليل رائع
ReplyDeleteتستحق التهنئه عليه
هو فعلا من أعمق افقلام داوود عبد السيد إن لم يكن من اعمق الأفلام المصريه
لو سمحت لي ببعض التعقيبات على هوامش تدوينتك، العبرانيين أو العابيرو (بني أسرائيل) واجهتهم نفس المشكلة التي واجهت كل الشعوب البدوية الجوالة، ألا وهي صعوبة حمل إله متجسد في نحت أو رسم، لكنهم خطوا خطوة أبعد قليلا بأعتبارهم تعرضوا لما يمكن تسميته حالة رشح حضاريه من الشعوب المستقره الكبرى التي عاشوا على هوامشها مما مكنهم من أنتاج ما أحب تسميته (إله محمول) غير متجسد ماديا ألهم كعمود دخان أو عمود نار
-----------------
بالنسبه للفيلم فلم استطع منع نفسي من المقارنه بينه وبين فيلم Deep cover
أنتاج 1992 وبطولة Laurence fishburne
وهو عن رجل شرطة يتم زرعه وسط تجار المخدرات ويتعرض لأغواء عنيف خاصة أنه والده كان مدمن مخدرات مات من جرعة زائده، وهو ينحرف فعلا بعد أنقطاع صلته برؤسائه لكنه يعود للطريق القويم بالنهايه، بساطة عادية للافلام الأمريكيه وطبعا تناول فكرة الخطيئه والتطهر المسيحيه
تحياتي وسعدت بمعرفة مدونتك
أكثر ما يعجبني في مداونتك منذ بدايتها هو ذلك التزاوج المعبر جدا و الممتع بين الاقتباسات و بين رأيك الشخصي و تحليلك للفيلم / الكتاب / الموقف / الحدث
ReplyDeleteلم أشاهد - للأسف الشديد - هذا الفيلم
لا أتذكر أني شاهدته
لكن رؤيتك له تجعل المرء متشوقا لرؤيته ليعايش نفس الأسئلة / التي لا أعتقده ابتعد من الأساس عنها / لكن مع رؤى آخرين
ملحوظة :
في اعتقادي الشخصي : السينيمائييون هم رسل هذا العصر ، و إن اختلف وحيهم و اختلف مسعاهم
تحليل جميل يا مصطفى
ReplyDeleteعارف انا شفت فى الفيلم كمان فكرة طرح حل للخروج من الازمة
انصراف الانسان الى الاله داخله
التخلى عن الصوت الغيبى الذى يخيل له انه قادم من اعلى ليلتفت الى ذاك الاله فى الداخل
ان يضع هو دينه الخاص
يكيف الحياة على منهجه بعيدا عن ذاك الصوت العلوى الغير موثوق فيه والغير موثوق فى وجوده
اعجبنى جدا اختزال داوود عبد السيد للرسول فى ذاك الرجل المنهك المريض الذى يحمل شغف المعرفة فلا يقوى عليه هو يخشى المعرفة ويراها طريق للهلاك
كل الاديان السماوية تحذر من التجرؤ على البحث والمعرفة وتهدد بالويل لمن يفعل
للاسف لا يرى البعض فى هذه الافلام الا حواديت سخيفة ومملة لا حاجة لمشاهدتها هم يريدون الحلول اللطيفة كتلك التى قدمها الفيلم الامريكى
شكرا على التدوينة الجميلة يا مصطفى
human
ReplyDeleteمستنيين رايك فى الفيلم
حفصة
دة بعض مما عندكم
:)
alexandria far away
الفيلم متشابة فعلا مع فيلمين اجنبيين سمعت عنهم
زى مقولت
deep cover
و Donnie Brasco
فكرة الإله المحمول زى مبتقول فعلا كانت عند القبائل الرعوية البدوية المتنقلة الى ملهاش حظ فى الزراعة والإستقرار
دة من ضمن التفاسير الى بيعتمد عليها الملحدين فى إقتناعهم بالإلحاد
الإلهة الخفى عند البدو والإلهة المتجسد عند الأقوام الزراعية
:)
شغف
التزاوج بين أفكار البعض من الفلاسفة مثلا
والمفكرين بالإضافة إلى رأيك بتديكى نظرة أشمل للموضوع دايما
عزة مغازى
تفسيرك جميل بخصوص
انصراف الانسان الى الاله داخله
بس دة بيخاف منة معظم الناس
للأسف
كان مارتن لوثر بيتكلم فى موضوع قريب منة دة
وهو ان مفيش حاجة اسمها رجل دين
كلنا رجل دين جوة نفسنا
ممكن ننصرف للإله الى جوانا يرشدنا للطريق الصح
وهو العقل
سعدت بوجودك
:)
أول مرة أقرأ هذه الرؤية التحليلة للفيلم, بالرغم من أن الرمزية واضحة كما تفضلت ووضحت يا عزيزي, لكن مرحبا بالجميع في أرض الخوف التي تسكن فينا أكثر مما نسكن فيها, فلا يقوى أحد على الإبحار بتفكيره إلى هذه المنطقة المحرمة ولا يقوى من أبحر فيها بالبوح وعرض رؤيته على الآخرين
ReplyDeleteأحييك على هذا التحليل المتميز وهذه الجرأة في الطرح, وهذا ليس بجديد عليك
واسمح لي أن أنتهز الفرصة لأعبر عن عشقي وولهي بفن داوود عبد السيد. بالإضافة لإحترامي الشديد لعبقرية أحمد زكي في الأداء. وفيلم أرض الخوف بالنسبة لي هو معزوفة فريدة تجمع ما بين أقوى العناصر الفنية
خالص تحياتي
العزيزة فانتازيا
ReplyDeleteمرحبا بالجميع في أرض الخوف التي تسكن فينا أكثر مما نسكن فيها
اية الكلام الجميل دة
:)
انا هاستعير الجملة الجميلة دي كعنوان للبوست بعد إذنك
مرحباً بك دوما
وشكراً لكلماتك المؤثرة
أشكرك على مجاملتك الرقيقة يا عزيزي وشرف لي أن تستعير كلماتي
ReplyDeleteمع خالص تحياتي ومودتي