هل تؤيد تصوير النبى فى عمل سينمائى ؟

شاهدت مؤخرا فيلماً من انتاج قناة الجزيرة الوثائقية عن المخرج السورى الراحل مصطفى العقــاد اسمة ( هل تستمر الرسالة ) الفيلم فكرة مدير القناة , و إخراج محـمد بلحاج , الفيلم لا تدرى بعد ان تراة هل تحس بالسعادة أم الحزن على هذا المخرج العبقرى الذى اتحفنا بفيلم الرسالة وعمر المختار ولو اتيح لة ما يتاح لأشباة المخرجين عندنا لرأينا الكثير , البرنامج ياخذك فى رحلة جميلة ترى من خلالها رحلة طويلة من الكفاح حتى الوصول الى العالمية , مرورا بالمشاكل التى واجهتة فى مشوارة السينمائى الطويل

القضية ليست إمبريالية أو صهيونية , نحن المرض منا وفينا

مصطفى العقاد

لن اركز فى هذة التدوينة على العقاد شخصيا بقدر ما سوف أركز على طبيعة العقل العربى والإسلامى بالتحديد لترى كيف يقمع الفكر الحر وكيف يكون الدين على ايدى هؤلاء المسمون انفسهم رجال دين معول هدم لكل شىء جميل وراقى

ترى من البداية فى البرنامج محاولات العقاد الذهاب الى استوديوهات هولييود لإنتاج الفيلم

وفشل المفاوضات بسبب رغبتهم فى إظهار الرسول فى الفيلم وطبعا الرسول مقدس حسب وجهة النظر الإسلامية فلا ينبغى تجسيدة , ثم يستطيع فى النهاية ان يجد التمويل من المغرب والكويت ويبدأ التصوير فى المغرب

أقوى رجل في العالم هو من يقف وحده

هنريك أبسن

مسيرة طويلة بحسب كلام العقاد نفسة مع القصة والتأليف والأزهر والمجلس الشيعى الأعلى

يروى العقاد فى البرنامج هذا الحوار مع أحد رؤسائهم

الشيخ : الصورة حرام تقوم تقولى فيلم ؟؟

العقاد : يا جماعة الحسن بن الهيثم الأندلسى أخترع نظرية التصوير فى الأصل

الشيخ : هل تستعمل موسيقى فى الفيلم ؟

العقاد : نعم هذا طبيعى

الشيخ : كيييييف هذا ؟

الشيخ : البيت تدخلة الموسيقى تطلع براة الملايكة ؟

العقاد : كيف يا جماعة الناس يرة فى أمريكا تطلع القمر دلوقت وانتم تقولولى هذا الكلام

الشيخ : بيضحكوا عليكوا ويوروكوا صورللقمر , هم ما طلعوا القمر

...........................

سلاح الإعلام أقوى من سلاح الدبابة

مصطفى العقاد

ينقلك البرنامج إلى نقطة أخرى بدءاً من إنسحاب الكويت من التمويل وتصوير الفيلم فى سرية برعاية عاهل المغرب الحسن الثانى

وكان منفتح الفكر بحسب كلام العقاد , ثم مرحلة بناء الكعبة والديكورات حتى جاءة الخبر بوقف التصوير بسبب معارضة السعودية وممارستهم الضغوط على ملك المغرب بعد تصوير دام لمدة 6 أشهر.

ليتغلب الملك على الموقف المحرج تم الإتفاق مع مصطفى العقاد على الإعلان بإيقاف التصوير ثم تكملة المشاهد المتبقية سريعاً ولكن الامر تغير بعد ان طلب منة الملك ألا يحملة فوق طاقتة

ثم عرض العقاد بعض المشاهد على القذافى

السعودية تقف ضد هذا العمل ؟

لماذا ؟

اهلا وسهلا فيك

جائت النقلة الكبرى إلى ميناء طرابلس , لم يكن فى ليبيا معدات أو منصات أو استوديوهات للتصوير فليبيا ليست مدينة سينمائية وتم البدء فى التكيف مع الاوضاع بحسب الإمكانيات المحدودة من البداية

ليش وقفنا ضد هذا الفيلم ؟

تأتى اللحظة المرتقبة , عرض الفيلم فى لندن فى شارع إكسفورد الملىء بصالات العرض السينمائية , ويأتى الإنفجار من الغوغاء الإسلاميون بالمظاهرات الحاشدة وكانت النتيجة المعلن عنها:

الهجوم على ثلاث بنايات وخطف 22 رهينة , بعدما هدئت الضجة المثارة ورأى الجميع الفيلم إبتدأ من كان معارضا يؤنبة ضميرة ويتسائل بحسب كلام العقاد

ليش وقفنا ضد هذا الفيلم ؟

بعض الحقائق عن الفيلم :

هو الفيلم الأكثر مشاهدتة فى العالم الإسلامى

تم دبلجتة إلى 30 لغة مختلفة

30 ألف شخص أسلم بعد مشاهدة الفيلم

نأتى للأهم من كل ذلك وهو أصل القضية .

هل توافق على تجسيد النبى محمد فى عمل سينمائى وإذا كان جوابك بالرفض فلماذا ؟

معظم من سألتهم هذا السؤال من أقربائى ومعارفى سارعوا بالرد الجاهز المحفوظ وهو قدسية النبى وكيف يقوم ممثل بتمثيل دور النبى ثم نراة مرة أخرى فى فيلم يعانق إمراة أو يلعب دور شخص سكيرأو مجرم وهذة الأجوبة المعروفة سلفاً .

ربما اصول هذة القضية تدفعنا إلى العودة قليلا إلى الماضى , إلى الجذور , اصل حضارتنا العربية وخصائصها وتأثيرها على أفكار الأفراد وطباعهم وميولهم مما ينعكس بالتالى على تحديدهم لتصرفاتهم

يقول عبد الرحمن بدوى :

اولى خصائص الحضارة العربية , التفرقة بين النفس والروح

وتجدها واضحة فى الفن والعلم والدين والسياسة , فالروح مصدرها الله بينما النفس مختلطة بالجسم والتراب , والروح مصدر الخير والنفس مصدر الشر, فما يصدر عن الاولى فهو حسن وما يصدر عن الثانية فهو قبيح فيجب على الانسان ان يفنى نفسة فى هذة الروح وأن ينكر نفسة لانها مصدر الشر ’ ولهذا فإن الحضارة العربية تنكر الذاتية أشد الإنكار لانها تفنى الذات فى هذة القوة الإلهية وهذا اساس كل شىء ففى الاخلاق يجب عليك تسليم نفسك لهذة القوة العليا وفى الجمال الجميل هو ما يمثل هذة الروح او يدفع الى الوصول اليها وفى المعرفة كل معرفة صادرة عن استقلال الفكر باطل وضلال فيجب ان تصدر عن روح مشتركة اى الاجماع لا عن الحكم الفردى

أما النتائج المترتبة على ذلك فساكتفى بذكر النتائج الفنية لأنها اساس هذة التدوينة ,

من اهم النتائج إنعدام الفنون التجسيمية كالنحت والتصوير لان فى تصوير الجسم المستقل والشخصية المستقلة تعبيراً عن الذاتية وهذا لا يتفق مع روح هذة الحضارة , وكان البديل انتاج عن طريق الالوان نوعا اخر من الفنون هو اكبر دليل على نفى ذاتك والقضاء عليها وهو( الأرابيسك) فالارابيسك بلا جسم وبل يسلب الشىء الذى يرسم علية جسمة بتغطيتة بتكرارات كثيرة ( أنتهى الإقتباس )

هذا التفسير المبدع لعبد الرحمن بدوى يفسر القضية كلها بإسلوب سلس وعميق يبرز الدور الجغرافى والدينى للقضية

أنتم منافقون

حقيقة أنا لست مغرم بفيلم الرسالة كثيرا مثل عمر المختار , تخيل ان تذهب الى السينما لتشاهد فيلماً لا يظهر بطلة الاساسى وكذلك اهم عشر افراد بة تدور حولهم محور الاحداث , الامر لا يخرج عن كونة عبادة لأشخاص يصيبون ويخطئون , هم يعبدونهم ويعبدون النبى ويتبركون ببولة وعرقة , وهوإحدى أهم عيوب المذهب السنى , تقديس البشروالتمسك بالنصوص مع عدم فهم خلفيتها التاريخية , وظرفها الزمنى وعدم إدراك أهمية السينما كوسيط مرئى يشكل خيال المرء ووعية , والشىء المستفز حقا عندما تصدر هذة الاراء حتى الان من اشخاص يحسبون انفسهم من أهل الإعتدال والوسطية فى الدين او حتى من الناس العاديين وتجد نفس هؤلاء الناس يتابعون بشغف شديد الافلام التى تروى سيرة المسيح مثلا , واغفالهم لشىء بسيط للغاية فى مذهبهم الفكرى , انهم منافقون

حتى الان اتوة بين الكثير من أسماء الصحابة بالرغم من اننى قرأت عنهم الكثير , فعملية التخيل لشخصيات كثيرة مهمة فى التاريخ الإسلامى لهو شىء صعب للغاية مع عدم وجود اعمال تجسد حياتهم والمحن التى تعرضوا لها فى وقت تمثل فية الميديا الوسيط الاهم لتشكيل وعى الأفراد

أما النقطة الخاصة بالنبى فلى صديق أستنكر تجسيدة بشدة قائلا : كيف يقوم ممثل بعد تمثيلة الدور بتمثيل دور مجرم مثلا , إن ذلك سينسف صورة النبى الجميلة التى أضعها فى ذهنى لة

ولماذا نبعد بعيدا , ففيلم مثل صلاح الدين اتابعة دائما بشغف شديد , أداء احمد مظهر فى الفيلم يبهرنى دائما , أحسة صلاح الدين قلبا وقالباً , لا اتخيل شخص غيرة يقوم بالدور , نفس هذا الرجل فى دعاء الكروان لطة حسين , السكير الذى ينام مع الخادمات ويموت فى النهاية , منتهى التناقض بين الصورتين امامك ولم تنسف هذة الصورة لة الصورة الجميلة التى رسمها لة عشاقة فى صلاح الدين ولم يقل رصيدة أبدا حتى الان

لم يخفى العقاد صعوبة التصوير بسبب غياب الرسول والعشرة المبشرين بالجنة فى الفيلم

وأكاد اجزم ان العقاد لو لم يكن سيسبب لة ذلك مشاكل مع احد لكان فعلها واختار شخصا ليقوم بالدور وكذلك مع العشرة الاخرون

أجى الوطن العربى بشوق وأتركة بدمعة

مصطفى العقاد

ربما كان يوسف وهبى اكثر جرأة من العقاد فمحاولة تجسيد النبى فى فيلم سينمائى حدثت فى العشرينات عن طريق شركة المانية بالاتفاق مع الحكومة التركية وقد حاولت التعاقد مع يوسف وهبى ليجسد دور النبى محمد بنفسة وثارت علية عاصفة هوجاء وقتها وهددة الملك فؤاد بالنفى وتوقف المشروع ,

ومازال السؤال مطروحاً , هل تؤيد تمثيل النبى محمد فى عمل سينمائى ؟

ومن يصلح للقيام بة الان ؟